دقة - حياد - موضوعية

ولد حندي يخلد عباءة ولد بوحبيني

2016-04-21 23:09:41

لا يمكن النظر إلى منح نقيب المحامين، الشيخ ولد حندي، عباءة المحاماة لرئيس الجمهورية، بمناسبة افتتاح السنة القضائية، إلا على أنه تملق غير موفق. فإهداء عباءة ترمز للعدالة لرئيس بلاد سخر وزارة العدل للتجاوزات القانونية التي تمس قدسية الدستور، وسخر قصر العدالة لتصفية الحسابات مع الخصوم السياسيين والحقوقيين (كما هو حال سجيني الرأي بيرام ولد اعبيد وابراهيم ولد بلال)، أمرٌ في غاية الغرابة خاصة أن ظروف التقاضي والمقاضاة تعيش تدهورا غير مسبوق،. وظروف السجون مزرية جدا، والتعذيب والإكراه ما يزالان يسجلان هنا وهناك..

.

والحقيقة أن الجميع كان ينتظر من نقيب المحامين الحالي مأمورية كلها تقرب وتزلف للنظام لأن تاريخ الرجل لم يعرف إلا الموالاة "المفرطة" في بعض الأحيان، إلا أنه لم يوفق هذه المرة لأنه وجه سيف تملقه إلى نحر الرئيس دون قصد منه. فمنح الرئيس عباءة المحاماة، في هذه السنة، إنما خلد به النقيب حندي الحادث الفذ الذي طغى على الواجهة خلال افتتاح السنة القضائية الماضية. لقد جعلنا ولد حندي نتذكر ولد بوحبيني واحتجاجه الشريف غير المسبوق، وجعلتنا عباءة ولد حندي المتذللة نتذكر كل مآسي القضاء وكل زلات النظام التي احتجت عليها عباءة ولد بوجبيني الشامخة في يوم سيظل محفورا في ذاكرة الموريتانيين.

كان واضحا أن إقصاء ولد بوحبيني من افتتاح السنة القضائية ومنح عباءة المحاماة للرئيس، أريد به الرد على الاحتجاج الحضاري التاريخي الذي عرفته السنة القضائية الفائتة، لكنه رد خلد تلك الحادثة، وزاد من وقعها، وأعاد إلى الأذهان كل ويلات العدالة في موريتانيا. وبالتالي فالتملق هذه المرة كان وبالا على المتملق له. وليس للرأي العام إلا أن يشكر ولد حندي، وجوقته، على تخليدهم لعباءة ولد بوحبيني وبالتالي احتجاجهم، غير المقصود، على ظروف القضاء والعدالة في بلادنا، مع ضرورة تذكير الجوقة الموسيقية بأن تاريخ عباءة المحاماة في كل أصقاع العالم لم يعرف التلويح بها أو رميها أو مدها، ولو بلطف، لأي كان، إلا للاحتجاج، أما أن يكون بغية التقرب والتزلف و"الإهداء السياسي" فتلك اكتشافات حندية، له براءة اختراعها وعليه ذنب من عمل بها إلى يوم الدين.

على كل حال، ليس لنا، في بلاد تحكمها العجائب، إلا أن نفهم ونسجل لولد حندي فعلته، كما فهمنا وسجلنا لولد بوحبيني صنعته، فكل من الرجلين "يزيد" ولكل منهما نداه. وإذا كنا أمام منعرج خطير، تستخدم فيه أجمل رموز العدالة لترسيخ أفظع أنواع الظلم، فإن ذلك إنما يؤكد لنا أنه "شتان ما بين اليزيدين...".

سيدي المختار ولد اسماعيل كاتب صحفي

تابعونا على الشبكات الاجتماعية