دقة - حياد - موضوعية

هل مراجعة الدستور من المباح ؟

2017-02-19 05:27:25

شهد دستور 20 يوليو 1991 تعديلات جوهرية بموجب نصوص قانونية و بحكم مقتضيات و حاجيات معينة لها اثر بين على حياة الأمة اجمعت مكونات هامة و مؤثرة من الطيف السياسي على ضرورة ادخالها كنتيجة لحوار سياسي نظم سنة 2012

.

فمن تلك التعديلات ماهو متعلق بإرساء قيم الممارسة الديمقراطية و تطويرها من خلال مبدئ التناوب على السلطة و تحديد عدد المؤموريات الرئاسية بإثنتين يقسم رئيس الجمهورية المنتخب بعدم المساس بها ابان حفل تنصيبه و منها ماهو هادف الى التطوير الإجتماعي و ترقية الحقوق كتجريم ممارسة العبودية مثلا ولو كان لم يبقي منها سوي بعض الأثار.

وإذا تأملنا قليلا في محتوى و مرامي الجملة الأولى التالية من دباجة الدستور (إن الشعب الموريتاني واثقا بالله العلي القدير يعلن عزمه ضمان الوحدة الترابية و إستقلال بلده و وحدته الوطنية و ضمان تطويره السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي  ) 

فالتطور السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي امر طبيعي في حياة الشعوب و الأمم . ففي المجال السياسي تم خلق الظروف المأتية للممارسة الديموقراطية من خلال ضمان حرية الرأي و التعبير و التعددية الحزبية.

و في المجال الإقتصادي تم رسم ملامح النمو المنشود و توزيع عائداته و الرفع من مستوى الرفاهية الناجمة عنه في افق 15 السنة القادمة و ذالك من خلال إستراتجية اتسم نهج إعدادها بقدر كبير من التبصر و التشاور المتواصل مع الجميع

و في المجال الإجتماعي تم توطيد عرى الوحدة الوطنية و العمل على الحد من الفوارق القائمة على أساس التكافئ في فرص الولوج الى الخدمات الإجتماعية الأساسية و العناية بالضعيف و المحتاج و الفقير اين ما كانوا .

 وفي خضم الحوار الإجتماعي المرتقب بعد صدور المرسوم الرئاسي القاضي بإستدعائ البرلمان في دورة فوق العادة إعتبارا من يوم الأربعاء 22 فبراير 2017 علينا ان نتسائل عن ماهي التعديلات المقترحات الدستورية  و مالها من جدوائية . هل منها ماهو ناجم عن الحوارات السياسية المتواصلة وهل  منها ماهو من تقدير السلطة القائمة . فان طرق مراجعة الدساتير تختلف حسب الغايات منها و طبيعتها فمنها ماهو جوهري و منها ماهو دون ذلك كجدوائية برلمان بغفرفتين ( مجلس الشيوخ و جمعية وطنية ) و مجالس جهوية ..الخ و منها ماهو رمزي كالعلم الوطني مثلا فإضافة عليه شريطين من الأسفل و الأعلى باللون الأحمر ليس إلا رداً للإعتبار لمن ضحوا بدماءهم الزكية دفاعا عن الوطن . و ستطال التعديلات الدستورية المنتظرة و الناجمة عن مخرجات الحوار السياسي الأخير القضاء على مجلس الشيوخ و تفعيل المجلس الإقتصادي و الإجتماعي و دمج بعد البئة في اختصاصه و دسترة السلطة العليا للفتوى و المظالم لتوكل لها مهام المجلس الإسلامي الأعلى و وسيط الجمهورية معا هذا بالإضافة الى الإستغناء عن محكمة العدل العليا و تعزيز المجلس الدستوري و إستحداث مجالس جهوية تهدف الى تثبيت السكان و خلق نشاط إقتصادي يوفر فرصا للعمل و الإنتاج بإستقلال كل المقدرات الإقتصادية للبلد.

و الإستغناء عن مجلس الشيوخ يمكن البلد من ترشيد 20 مليار اوقية على المستوى المتوسط وهو ما يمثل تقريبا تكلفة تنضيم  إستفتاء شعبي على التعديلات الدستورية المقترحة يمكن تمريرها من خلال مؤتمر برلماني .

فالقران وحده صالح لكل زمان و مكان اما مراجعة الدساتيرفهي مباحة  كل ما اقتضت الحاجة.

بقلم السالك ولد اجيرب مهندس احصائي اقتصادي , خبير في التنمية اللاجتماعية

تابعونا على الشبكات الاجتماعية