دقة - حياد - موضوعية

تفاصيل محاكمة وإعدام الأمير المختارولد اعلي الكوري(ح5)

2020-11-30 23:23:14

... و بالمناسبة.. وانطلاقا من المادة 14 من الأمر القانوني بتاريخ 7 يناير 1822 المتعلق بالنظام القضائي في السنغال.. و استئناسا بالمادتين 336 و 334 من المسطرة الجنائية المعمول بها في المستعمرات الأخرى نستخلص أنه من المناسب للمحكمة أن تساير القوانين السابقة و تخضع في مداولاتها لأشكال و شروط الأغلبية المنصوص عليها في هذه المواد القانونية... مع العلم أنها لم تحدد بصورة دقيقة عدد الأصوات التي يتطلبها القرار..

.


و قد أعلن الدفاع، حول هذه النقطة بالذات اعتماده على الترتيبات التي أخذت بها الإدارة العمومية..
و هكذا يعلن المجلس عن انسحابه لغرض المداولات ثم يعود مباشرة ليعلن قراره على النحو التالي:
"
إن المجلس... إلخ.. اعتمادا على سلطاته في تغيير نظام المستعمرة حول النقاط و القضايا و الترتيبات الصادرة عن الإدارة العمومية المقررة و المسيرة بالنظام... يصرح بأنه سيتجاوز الترتيبات المذكورة.. و هذا القرار يشمل كل من حضروه و يطبق عليهم.."
و الآن نصل إلى مرافعات المحامي العام المدافع عن المختار.. فقد قال الأستاذ كِرانبونه، مفتش المستعمرة و هو المحامي العام:
أيها السادة:
لقد نطقت شهادة الرجال.. ذلك الصدى المتغير.. و المتسم بالعفوية و النأي عن الخوف و الطمع..
و عموما فإنه من هذه الشهادات المختلفة ينبغي أن تتولد الحقيقة القانونية.. التي هي صوت رجال نزهاء و قضاة محايدين..
أيها المحلفون و القضاة.. إن واجباتكم في هذه المحاكمة الجنائية ستنعقد اليوم عن طريق قضائي مدني صار يوما بعد يوم مألوفا عندكم..
و إنكم ستحكمون في قضية مدنية و قضية جنائية.. ستقررون في تاريخ ميلاد رجل بالرجوع إلى أمر سماوي أو تقررون بقراراتكم الشخصية الوقت غير المضبوط لميلاده..
اسمحوا لي أن أقول لكم إنه لكي تؤدوا، بجدارة، المهمة المعينة المسندة إليكم فإننا سنتابعكم في خضم مداولاتكم و في النقاشات التي قد تكون تارة دقيقة و لكنها أساسية.. و ستلخص حل الإشكالات الناتجة عن هذا النقاش الهام..
فهل تبين مظهر الجريمة في مقتل جاك ماليفوار؟
فهل تبين مظهر الجريمة في مقتل مافال و جزء من طاقمه و أسْر جزء آخر و نهب سفينته و إغراقها..؟
فإن أي شك لا يخامر حول هذه القضية..
و قد أجمع الشهود، سواء لصالح أو ضد المتهم على هذه الجريمة.. دون أن يدينوه..
هل إن المكان الذي وقعت فيه الجرائم محدد.. و هل هو تابع لدائرتكم القضائية؟
إن هنالك كثيرا مما يدفع إلى الشك في هذا..
لدينا، بالفعل، النص الأصلي لمعاهدة موقعة بين أعمر، ملك ترارزه، بتاريخ 7 يناير1822 و هي تحوي من بين ترتيبات أخرى ما نصه:
"
المادة 5 : يُسمح للفرنسيين أن يبسطوا نفوذهم على الضفة اليمنى للنهر من سان لويس حتى قبالة "كِايه" و كل الأراضي الواقعة بين هاتين البلدتين تمنح لهم بملكية تامة.." بينما، و باعتبار إجماع الشهود و المتهم، الجرائم وقعت قبالة ريشارتول و " لافاي"..على الضفة اليمنى للنهر.. أي في المنطقة المعترف بها بأنها جزء من التراب الفرنسي.. التي استفاد أمراء ترارزه، في مقابل منحها من أجمل إكرامياتهم.. و لم يكن من المعتاد أن هذه المعاهدات المحلية تُنشر رسميا في السنغال.. مثل العقود الأخرى التي لها قوة القانون.. بيد أنه لم يوقع أي منها قبل أن يجر إلى كثير من النقاش و أن يشعر به كل الوطن.. خاصة ما يتعلق منه بالإكراميات في مقابل الأقاليم المذكورة أعلاه..
فلا يهم أن الفرنسيين لم ينشئوا بعدُ مؤسسات على الضفة اليمنى للنهر فالمادة 5 من المعاهدة تنصُ على أن ذلك يحق لهم.. و لكن ذلك بشرط، و شرط فقط، أن تكون المنشأة ضمن المساحة المعترف بها منذ 7 يونيو 1821 بأنها أراض فرنسية..
و قد تم الاستلام بتقديم الوثائق إلى الجهتين المتعاقدتين..
و لسنا نشك، سادتي، أن القرار الذي ستعلنونه سيؤكد في الحال هذا الاستلام بأمثل طريقة و أعرقها في الوقت ذاته..
اِسمحوا لنا الآن أن نتوجه إلى هذا الجمهور الذي يتوافد على جلستكم و نخاطبه باسم الملك لنقول له:
"
أيها البيضان.. أيها السنغاليون..هؤلاء هم قضاة المختار الطبيعيون لان الجريمة التهم فيها نفذت على أرض تابعة للسنغال.. و عليه فإن القرارات التي ستصدرها هذه المحكمة و العقوبات التي ستحكم بها يستوي فيها الأجانب و الفرنسيون.
و لكن لتعلموا جيدا أنه إذا أصيب طفلٌ فرنسي أو سنغالي على أرضية أي مكان من ضفاف إفريقيا فإن قوانيننا تحتفظ للمجرمين بمحاكمات أسرع و عقوبات أقسى.. فليطمئن المسالمون و ليهدأ المضطربون..
هل إن المتهم مذنب في حالة أنه محرض و متمالئ في الاغتيال الذي وقع في نهاية يوليو 1831 على شخص جاك ماليفوار؟
هل هو مذنب بظرف سبق الإصرار الذي اتصف به الاغتيال؟
لنفحص الآن، سادتي، اعترافات المتهم و تصريحات الشهود حول هذا الموضوع..
فالمختار يعترف بأنه أتى إلى مسرح الجريمة برفقة عدة فرسان.. و يعترف أنه طلب من ماليفوار بعض التبغ و أن يعطيه غطاءه..و يعترف حتى أنه أطلق النار.. و لكنه يقول: "... لم آت مع القتلة إلا لتثبيطهم عن مشروعهم.. و قبل ذلك منعتهم من إحداث سوء في المراسي... و لم أرافقهم على طول النهر إلا لتجنب الاحتكاك بأي أحد.. و عندما وصلنا قبالة ريشارتول شاهدنا جاك ماليفوار على الشاطئ .. كان صديق والدي.. اضطربتُ و حثثتُ الخطا.. و كنتُ أول واصلٍ إليه طالبا منه بعض التبغ و غطاءه..و أومأتُ إليه إيماءاتٍ يبدو أنه لم يفهما.. عند ذلك أطلقتُ النار من اجل إشعاره بالخطر الذي يتهدده ... و لكن.. فات الأوان..فقد أطلق الثلاثة الآخرون النار... و سقط ماليفوار على جانب الماء.."
و في هذا السياق يُجمع الشهود على أن واحدا فقط من الفرسان هو من أطلق النار و ذلك تنفيذا لأوامر المختار..
و بالفعل، سادتي، فإن تصريح المتهم ليس منافيا للصواب.. و إذا كنتم لا تعرفون خُلُقه، جيدا، فيمكنكم أن تتفاجأوا ... فالمختار، هذا، الذي يدعي أنه أُرغِم على الالتحاق بالقتلة.. كرر عليكم عدة مراتٍ، و بكل اعتزازٍ، أنه أقوى منهم جميعا.. و لم يذكر أي مظهر عنف مورس عليه من أجل إرغامه على مرافقة القتلة.. فهذا الإرغام لا يصِح عقلا.. و لا يشكل تسويغا مقبولا و لا اعتذارا.. إلا إذا كان عبارة عن سلوكٍ يريد المختار أن يتظاهر به.. فهو يريد، دائما، إقناع المحكمة أن دافع القتل كان لغرض الانتقام الشخصي .. و من أجل إضرام حربٍ مُحرجة للملك محمد لحبيب.. ونحن نشك، جازمين، أن المختار الذي كان لديه هدفٌ أقرب من ذلك، و كان قويا، أنه سيغطي أو يتنزه عن الانتقام.. و إن كان أطلق النار في الهواء و من على منكبه من أجل إشعار ماليفوار بالخطر الذي يهدد حياته..
آه.. هذا، سادتي، يتجاوز حدود الدهاء و النفاق الطبيعيين.. حتى أنه يريد أن يقنعنا أن طلقة نارٍ من بندقيته، كان بالصدفة، طريقة للإنذار.. أما نحن فنعتبر ذلك وسيلة للقتل... يتواصل

تابعونا على الشبكات الاجتماعية